هناك ظاهرة لافتة للنظر بين جيل الناشئة والشباب العراقي هذه الأيام، هي ظاهرة باسم الكربلائي، المنشد الإسلامي والرادود الحسيني، الذي استطاع أن يتغلغل في قلوب الشباب ويصل إلى وجدانهم من خلال صوته الرخيم المميز ووجهه الحسن وعبر اختياره المتقن للقصائد الإسلامية و الحسينية التي تميز بها، الأمر الذي جعل من أقراصه المدمجة وأشرطته المسجلة الأكثر رواجا في سوق الأشرطة وبورصة الأقراص، بخاصة وسط العراق وجنوبه، بل استطاع أن يتصدر سوق الأقراص أمام المطرب العراقي المعروف كاظم الساهر بتوجيهيهما، المختلفين وصوره أخذت تنافس صور الساهر على واجهات محال تسجيل الأقراص في بغداد وفي مدن الوسط والجنوب.
تجولت «النور» تجولت في سوق الكاسيت واستطلعت بعض الآراء حول هذه الظاهرة التي تقدم فيها منشد إسلامي ورادود حسيني على مطرب معروف على النطاق العربي والمحلي هو كاظم الساهر !!!
في سوق الباب الشرقي حيث تكثر محلات بيع الأقراص والتسجيلات الصوتية و الصورية، قال لنا صلاح خيري ( بائع متجول ) إنني أبيع لباسم الكربلائي عشرة مقابل قرص واحد للساهر في الأيام الاعتيادية واما في أيام رمضان وفي شهر محرم تزداد هذه النسبة.
وعلاء مذخور (صاحب محل بيع اقراص) يسجل اعلى المبيعات لأقراص الكربلائي ويعزي ذلك إلى ملل الناس من الاغاني وتحول الشباب إلى التدين وسماع الأناشيد الإسلامية والقراءات الحسينية. وفي شارع الصناعة في بغداد اخبرنا ماجد السعد (مستورد اجهزة كمبيوتر وملحقاتها) بأنه باع عشرات من أجهزة التسجيل في الأشهر الأخيرة بعد انتشار أقراص باسم الكربلائي وزيادة إقبال الناس على الأناشيد الإسلامية.
وفي كربلاء تحدث لنا الزميل حيدر عاشور الذي زامل باسم الكربلائي في طفولته، فقال عنه:
«إن سر انتشاره يكمن في صوته المميز والمتمرن حيث تعلم أصول قراءة القرآن الكريم منذ كان عمره سبع سنين وتدرب على يد القارئ محمد القندرجي وهو من تلاميذ الرادود الحسيني المعروف (حمزة الزغير). فيما يرى المقرئ صاحب زمان حيدر بأن نجاح الكربلائي يكمن في اعتماده لقصائد المرموقين من الشعراء أمثال جابر الكاظمي الذي أعطاه الكثير من الدفع لصعود نجمه وصقل مواهبه.
من هو باسم الكربلائي
هو باسم بن محمد بن إسماعيل الكربلائي المولود العام 1967 في مدينة كربلاء والذي رمي في زنزانات صدام مع عائلته وسفر إلى إيران بحجة تبعيته الايرانية في العام 1980حيث سكن مدينة اصفهان وهناك دخل دورات لتجويد القرآن وعاش جو من الروحانية بين المسجد والبيت في كنف عائلة ملتزمة بتعاليم الدين الإسلامي الحنيف وصقل موهبته في التجويد على مدى خمس سنوات من خلال دورات القرآن الكريم.
عن خطواته الأولى يتحدث باسم الكربلائي قائلا:
- تطور صوتي وصقل من تجويد قراءة القرآن الكريم ودعاء الصباح وقراءة دعاء كميل كل خميس وقراءة دعاء الندبة فجر كل يوم جمعة بعد صلاة الفجر وببركات القرآن والادعية، صعدت على المنبر بقصيدة حسينية للمرحوم كاظم منظور الكربلائي فكان القبول مشجعاً وهكذا كانت البداية مع القراءات الحسينية وبعدها تنوعت قراءاتي وإنشاداتي إلى اكثر من نوع.
عن اغراءات الدنيا والشهرة، يتحدث باسم فيقول:
- بصراحة واجهت كثيراً من الإغراءات وأتذكر يوم كنت في إحدى الاستوديوهات جاءني أحد الملحنين وكنت حينها أسجل قصيدة القدس. وعرض علي عقدا لمدة خمس سنوات على أن لا أشارك في عزاء الحسين أو أي نشاط آخر تفرغا لمشروعه، فقلت له أنا عندي عقد مبرم مع 14 معصوم عليهم الصلاة والسلام وأنا ملتزم به».
وعن عدم إدخال الموسيقى في أناشيده وقراءاته، يقول:
- «أنا لم أعوّد جمهوري على آلة موسيقية، والحمد لله وصلنا إلى قلوب الناس والعالم من دون آلة، وهذا بفضل الله وبركة مولاي الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام».
وعن سبب ابتعاده عن عالم الغناء والشهرة والمال يقول:
- «معاذ الله أن أكون كذلك، وكيف يكون ذلك وأنا عاهدت مولاي الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام على أن لا يصدح صوتي إلا بمدح أو رثاء النبي الاعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته الطيبين الطاهرين».
اما عن هدفه في عمله فيقول:
- «أنا أسعى دائما الى أن أقدم الأفضل والأحسن لإيصال ثورة الحسين (ع) ومظلوميته، ومظلومية أهل البيت (ع)، حيث منهلهم العذب الصافي الذي لا ينضب بأسلوب جديد وعصري، فعند كل تجدد لذكراهم تتجدد القصائد والمراثي».
وعن آخر اهتماماته، يقول:
- «ان شاء الله سوف يصدر لي كتاب من جزأين تحت عنوان (هذا ما قرأته)، الأول يحتوي على الأشعار المكتوبة باللغة العربية الفصحى وعدد صفحاته ما بين 350 - 400 صفحة، والجزء الثأني شعبي فقط، والحمد لله عندنا القدرة على تقديم المزيد بفضل بركة أهل البيت (ع)».
وعن اثر إحياء الشعائر الحسينية على الشباب يقول باسم:
- «حتما لها الأثر الكبير لأن قدوتنا الإمام الحسين (ع)، ولكل شاب قدوة من شباب الطف أمثال علي الأكبر والقاسم، انهم الصورة المثالية للشباب.
والمشاركة في إحياء هذه الشعائر، تبعث الطمأنينة في نفس الشاب وتنظم مسيرة حياته إلى الطريق الأمثل و الأصوب. وتسهم في تربية الشاب فتجعله نبيلاً في مجتمعه ومع نفسه وأسرته ومحيطه».
وعن دوره في تثقيف الطفل، يسعى باسم لتقديم القصائد التربوية والأخلاقية المنتقاة من مكارم الاخلاق وبما يناسب الطفل وبأسلوب عصري، يقترب من اهتمامات الطفل».
وعن الشعور الذي يراوده في العشر الأوائل من محرم يقول الكربلائي إن:
- أصعب أيام حياتي هي العشرة الأولى من محرم، وذلك من ناحية التلحين، واختيار الطور، وتقديم الأفضل والجديد، كما تأتيني دعوات من جميع البلدان المشهورة كلبنان، وإيران، والإمارات، ولندن، ودمشق وعمان وغيرها».
وعن كيفية استقطاب الشباب إلى المجلس الحسيني يحدثنا قائلاً:
- «بالأفكار الحديثة والأطوار الجديدة، والأداء الجميل، نستقطب الشباب فنحن نقدم كل ما يتذوق به الشباب من الألحان والأذواق كبديل عن الموسيقى والغناء».
وعن اهتمامه بقضية فلسطين يقول الكربلائي:
«لدي شريط القدس ويتضمن عدداً من القصائد المخصوصة لنصرة شعبنا الفلسطيني ضد العدو الغاصب فهو مجال آخر ليس له علاقة بقصائد المنبر أو (سلسلة القصائد الخالدة) واخترت هذا النوع من القصائد لاستقطاب الشباب نحو قضية فلسطين المحتلة والتي تعبر عن قضية أمة الإسلام».
وختاماً نود أن نذكر بأن القارئ باسم الكربلائي يعتز بكل البلدان العربية والإسلامية التي أنشد فيها للرسول (ص) ولآله الطيبين الطاهرين وللقدس وللأعياد الإسلامية وبخاصة في جنوب لبنان عندما حضر مجلسه (25) الف شخص ويعتز ايضاً بحضور السيد حسن نصر الله أمين عام حزب الله اللبناني، اما في ما يتعلق بجمهوره في العراق، الذي عاد إليه بعد سقوط نظام صدام وقدم أناشيد الحب والحرية والوطن والإسلام في كربلاء وبغداد فقد زاد الحضور في إحدى مجالسه على (50) ألف شخص.